بدأت الحياة على الأرض قبل قرابة 3.7 مليار سنة في المحيط، وكانت الكائنات الحية الأولى مجرد كائنات بسيطة التركيب (بكتيريا، شعاب، خلايا بدائية النوى،…) وهذا ما يؤكده السجل الأحفوري. لكن مع توالي السنوات بدأت تتشكل كائنات متعددة الخلايا أكثر تعقيدا من سابقاتها، تعقيدا مورفولوجيا و تشريحيا.و هو ما تظهره الكائنات ثنائية التناظر و ثلاثية الأرومات و تؤكده تراتبية التصنيف في السجل الأحفوري قبل 700 مليون سنة.
و مع بداية العصر الكمبري يظهر السجل الأحفوري تنوعا هائلا و سريعا في الكائنات الحية، حيث ظهرت ولأول مرة معظم الشعب في المملكة الحيوانية التي نرصدها اليوم وذلك في فترة زمنية تتراوح بين 13 و 25 مليون سنة،وهو انفجار مرده نظريا إلى تغيرات بيئية أو إيكولوجية أو نمائية… الخ
مع تتابع الأحافير في التسلسل الجيولوجي الزمني و إلى نهاية العصر الديفوني أي قبل 400 مليون كانت الأسماك لحميات الزعانف و هي أسماك منتشرة في الانهار و البحار تمتلك زعانف عظمية تشبه الأرجل، زعانف مفصصة تشكل الاصابع و الرسغ لدى الفقريات المتأخرة عليها.
لكن مع نهاية العصر الديفوني و بداية العصر الكربوني منذ حوالي 365 مليون سنة بدأت البرميائيات رباعية الأطراف بالظهور في السجل الأحفوري و التي تتميز برؤوس و أجساد مسطحة و امتلاك رقبة و رئة، لكن بنيتها التشريحية كانت شبيهة بالأسماك لحمية الزعانف مما يوحي تطوريا و استنادا إلى استنتاجات السجالات الأحفورية ان هناك أشكال انتقالية تحمل سمات مشتركة بين البرمائيات و الأسماك. هذه الأشكال الانتقالية يجب ان تكون مسجلة أحفوريا بين 400 و 365 مليون سنة.
بناءا على هذا المنطق، تنبأ العلماء بوجود كائن انتقالي، و هو ما قاد فريق من العلماء من جامعة شيكاغو عام 2004 إلى منطقة بشمال كندا يحتمل أن تتوفر جيولوجيا على المواصفات اللازمة لوجود أحفورة الشكل الانتقالي. مواصفات تتمثل في وجود طبقات صخرية تعود لنفس الفترة الزمنية و مناسبة لأن تكون أنهارا و بحيرات في الماضي.
أمضى نيل شوبين و إدوارد داشلر زملاؤهما خَمس سنين من البحث و التنقيب في الصخور إلى ان اكتشفوا 3 هياكل عظمية متحجرة تشكلت من رواسب الأنهار في جزيرة إليسمير في العصر الديفوني توحي أنها الكائن الانتقالي بين الأسماك و رباعيات الأطراف Tetrapods.
كان اكتشاف الفريق ثوريا لكونه يتصف بكل المواصفات اللازمة للشكل الانتقالي، فقد عاش قبل 375 مليون سنة ويحمل سمات شبيهة بالأسماك لحمية الزعانف كالحراشيف و الزعانف و الخياشيم كما كان يحمل سمات شبيهة بالبرمائيات كالراس المسطح و الجمجمة و الرقبة تمكنه من تحريك رأسه عكس الأسماك.
أطلق على الأحفورة اسم “التيكتاليك” باقتراح من سكان الجزيرة. البنية التشريحية لعظام التيكتاليك تظهر نفس النمط في الموقع و العدد و الحجم بين الأسماك و رباعيات الأرجل و هو ما يمثل مرحلة انتقالية فريدة. إذن التيكتاليك هو أول كائن استطاع الخروج من الماء إلى اليابسة مدشنا بذلك انتقال الحياة من البحر إلى البر و يكون صاحب “الهجرة الأولى”.