الحيتان ليست من الأسماك، بل هي حيوانات ثديية تعيش في الماء، وهذه حقيقة علمية لا يمكن لأحد أن ينكرها، ويخبرنا السجل الأحفوري أن لهذه الكائنات قصة تطورها من البر الى البحر بالتفصيل، كون العلماء قد اكتشفوا العديد من الحفريات الإنتقالية التي توثق تطور الثدييات التي كانت تستوطن البر بشكل تدريجي الى أن ظهرت الحيتان الحديثة التي تستوطن البحر بشكل كلي.
قبل حوالي 60 مليون سنة ظهرت ثدييات برية بحجم الكلب تقريبا، تدعى sinonyx، والتي كانت تمتلك سمات مورفولوجية تربطها بالحيثان، ما جعلها أولى الحفريات الانتقالية في سلسلة تطور الحيتان. ثم بعدها ظهرت أنواع انتقالية عديدة مثل Pakicetus و Ambulocetus و Basilosaurus و Dorudon و Aegicetus … وجميعها حلقات الانتقالية التي توثق تطور الحيتان، يمكنكم قراءة مقال الصديق Ahmed Alhallaq ففيه شرح مفصل لسمات كل حفرية على حدة :
https://www.facebook.com/100002886164947/posts/3142943035811871
لكننا سنتوقف في هذا المقال عند حفرية تعود لجنس Rodhocetus وهي حفرية انتقالية بامتياز، تعود لحلقة انتقالية عاشت قبل 47 مليون عام، تمتلك سمات مشتركة بين الحيثان الحديثة وأسلافها الذين مشوا على الأرض، وسنرد على بعض اعتراضات الخلقيين حول هذه الاحفورة. نشر أول وصف لهذه الأحفورة عام 1994 على يد Gingerich وفريقه، وقدمو مجموعة من السمات التي تتميز بها هذه الاحفورة :
http://deepblue.lib.umich.edu/handle/2027.42/62571
يمتلك Rodhocetus فقرات قطنية (جزء من فقرات العمود الفقري) قوية ولها بروزات علوية طويلة، ما يدل على أنه كان يمتلك ذيلا قويا ترتبط عضلاته بهذه البروزات يساعده على السباحة. كما كانت الفقرات العجزية منفصلة ما يعطي العمود الفقري مرونة أثناء السباحة، وكانت عظام الحوض صغيرة مقارنة بأسلافه، لكنها لا تزال مرتبطة بالعمود الفقري، ما يجعله قادرا على المشي الى حد ما، كما كانت عظام الفخد لديه قصيرة جدا مقارنة بAmbulocetus الذي عاش قبله. ما يدل على أنه لم يكن يمشي بكفاءة.
وبحكم أن جمجمة الحيثان الحديثة طويلة جدا مقارنة بأسلافها الذي مشوا على البر، فقد كان Rodhocetus يمتلك جمجمة انتقالية بامتياز، حيث كانت عظام الوجه متمددة بشكل أكبر من الحفريات الانتقالية السابقة، وأقصر من الحيثان الحديثة، مثل عظمة قادمة الفك العلوي و الفك السفلي. وتحركت فتحات الأنف من مقدمة الخطم نحو الخلف لتستقر فوق مستوى الأنياب (تمتلك الحيتان الحديثة فتحات الأنف فوق الجمجمة) … والعديد من السمات الانتقالية الأخرى التي تقطع بكون هذه الأحفورة حلقة انتقالية نحو الحيثان الحديثة.
من خلال الدراسات التشريحية للحفرية التي تم العثور عليها علمنا بأنها تمتلك سمات انتقالية تجعل منها دليلا لامعا على التطور، لكن الخلقيين لا يبدون لهذه الأمور أي اهتمام، وهذا واضح من اعتراضاتهم الواهية التي ينقلونها من الخلقيين المسيحيين كما هو حال الصفحة في الصورة المرافقة أعلاه .
كان اعتراضهم بأن التطوريون يرسمون صورا لاحفورة Rodhocetus ويضعون لها زعنفة الذيل، لكن احد الخلقيين اكتشف في مقابلة له مع Gingerich ان التطوريون لم يكتشفوا الجزء الخلفي من الذيل ولم يكتشفوا الزعنفة أساسا، ومع ذلك يرسمونها ليوهموا الناس بأن هذه حفرية انتقالية، وهكذا يكون الخلقيون قد فضحوا التطوريون واكتشفوا تزويرهم وخداعهم للناس.
الرد على هذه الهرتلات بسيط جدا، السمات التشريحية لاحفورة ما لا يتم تحصيلها من الرسومات والمجسمات و الانيميشن، وانما يتم تحصيلها مما تم العثور عليه من بقايا الحفرية، وكل السمات التي ذكرناها فوق ، كانت نتيجة دراسة وتحليل الهيكل الفعلي الذي تم العثور عليه. ولن تجد أحدا من التطوريين يقول بأننا عثرنا على زعنفة ذيلية وهذا دليل على تطور الحيتان.
لكن لماذا يقوم أحدهم برسم Rodhocetus ويضع له زعنفة في الأساس؟ الإجابة هي أن الدراسة العلمية الأصلية التي وصفت الحفرية عبرت بالحرف أن العلماء لم يعثروا على على فقرات الذيل Terminal caudals ولا يمكن الجزم من امتلاك رودوسيتوس لزعنفة الذيل، ولكن من المعقول أن نتوقع وجودها بناء على بعض السمات التشريحية لباقي الهيكل، ويمكن اختبار هذه الفكرة في حال تم العثور على المزيد من فقرات الذيل لهذه الحفرية.
Terminal caudals are lacking in the type specimen of Rodhocetus and we cannot assess the possible presence of a caudal fluke, but it is reasonable to expect development of a fluke to coincide with shortening of the neck, flexibility of the sacrum and reduction of the hind limbs first observed in Rodhocetus. This idea can be tested when a more complete tail of Rodhocetus is found.
http://deepblue.lib.umich.edu/handle/2027.42/62571
لذلك فالقول بأن الحفرية مزورة أمر مثير للسخرية، لأن الدراسة الأصلية تصرح بغياب فقرات الذيل، ولا يمكن الجزم بوجود زعنفة ذيلية، ولكن وفقا لسمات تشريحية أخرى مثل قصر الرقبة ومرونة العمود الفقري واختزال الاطراف الخلفية يصبح رسم رودوسيتوس مع زعنفة ذيلية أمر مقبول، ويمكن الابقاء عليها او إزتلتها في حالة ظهور اكتشافات حديثة تحسم الأمر. كما أن نفس المؤلف في دراسة اخرى نشرت عام 2001 صرح بأن وجود الزعنة الذيلة أمر مشكوك فيه.
it is doubtful that Rodhocetus had such a fluke.
https://science.sciencemag.org/content/293/5538/2239/tab-pdf
ولكن هذا لا يعني إطلاقا أن الزعنفة الذيلية تعد دليلا على التطور أو على أي شيئ لأننا لم نعثر عليها أصلا.
نصيحة اليوم للخلقيين: خدوا العلم من مصادره، لا من رسومات الشوارع.